[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اسيادنا الاطهار المعصومين
النبي يحيى بن زكريا (ع)
هو أحد الأنبياء الذين يحظون بقدسية في كافة الديانات، ولهم منزلة خاصة في مذهب التوحيد الدرزي. هو في الإسلام النبي يحيى، ابن النبي زكريا (ع) وإليصابات، مُمهد الطريق للسيد المسيح (ع)،وهو في المسيحية يوحنا المعمدان (ع)، معمد السيد المسيح (ع). كانت ولادته قبل السيد المسيح (ع) بستة أشهر (24 حزيران)، وكان والداه يسكنان في بلدة عين كارم بجانب القدس،ومنهم من يقول إنهما سكنا بلدة يطا، بالقرب من الخليل. وكانا محرومين من الأولاد، وعندما كان زكريا (ع) يقوم بتبخير الهيكل، ظهر له الملاك جبرائيل (ع) وأعلمه أن الله استجاب لدعواته وصلوات زوجته، وأنهما سيرزقان بولد يبعث البهجة في النفوس، وسيكون سبب فرح للكثيرين. وأنه سيكون عظيما أمام الله، وسيكون مهيئا الطريق ليسوع (ع) ومبشرا لقدومه. وقد استهجن الوالدان هذه البشارة، وكادا ألا يصدقانها، لكنها تمت، بعونه تعالى، وأبصر المولود النور. أما الوالد زكريا (ع) فقد فقد قوة النطق، وبقي صامتا إلى اليوم الثامن بعد ولادة الصبي الموعود، ولما طلبوا أن يطلق اسما عليه، دعاه يوحنا، حسب تعليمات الملائكة، وفي الحال انطلق لسانه وعاودته قوة النطق، فأخذ يحمد الله ويشكره.
ولد يحيى (ع) سنة 5 ق. م. في قرية عين كارم، بالقرب من القدس. نشأ على التقوى والزهد وزجر النفس، فلبس عباءة من وبر الإبل، وأخذ يدعو الناس للتوبة، وكرس كل وقته للإصلاح الديني والاجتماعي، وكان على أكمل أوصاف الصلاح والتقوى منذ صباه، وقد قال الله تعالى فيه ( وقد أتينا الحكم صبيا..) وقد عاش حياة قاسية، مارسها في البرية منذ شبابه، ودرب تلاميذه على الصوم والصلاة، وكان ينادي لتوبة تظهر عمليا بواسطة اغتسال طقسي، مقترن بالاعتراف بالخطايا. وهي توبة تتطلب جهدا في تجديد الحياة. ولما ظهر السيد المسيح (ع) كان من الفرحين بوجوده، واعتكف في نهر الأردن، يعمد التائبين بعد أن يعترفوا بخطاياهم. وكانت المعمودية اليهودية تقوم على الغسولات والتطهيرات الشعبية، فأضفى عليها معنى أدبيا وعمقا روحيا. وقد طلب منه يسوع (ع) أن يعمده، لا لأنه كان محتاجا للتوبة، بل ليقدم الدليل على اندماجه في الجنس البشري، وكونه أخا للجميع. عمل يوحنا (ع) وانشغل في التعميد في نهر الأردن مدة قصيرة، لكنه حقق نجاحا باهرا ونتائج كبيرة. وفي نهاية عام 27 م زج هيرودوتس بيحيى (ع) في السجن لأنه وبخه على فجوره. وقد حاكت هيروديا، زوجة هيرودس مؤامرة ضد يحيى (ع) وسببت أن تطلب ابنتها سالومي من هيرودس، وهو سكران رأس يحيى (ع) على طبق، فتم تنفيذ الجريمة.
ويقال إنه دفن في سبسطية،حيث يعتقد عدد كبير من المؤرخين، أن تلاميذ يوحنا المعمدان (ع)، حملوا جثته من جوار البحر الميت حيث قتل إلى سبسطية. وفي رأي آخر قتل هيرودوس النبي يوحنا (ع) في سبسطية وبها دفن. وهناك رأي آخر يقول إنه دفن في القدس. وفي سبسطية كانت توجد كنيسة بيزنطية، أقيم فيما بعد على أنقاضها مسجد، ظل عامرا حتى قدوم الصليبيين إلى البلاد في القرن الثاني عشر، فحولوه إلى كنيسة باسم "يوحنا المعمدان" (ع). ولما أخرج المماليك الصليبيين من المنطقة، أعادوا تعمير المسجد في الكنيسة، وسموه " مشهد يحيى" (ع). وفي عام 1310 هجري، أضاف السلطان عبد الحميد الثاني إلى الجامع، القسم الشرقي منه، وهو القسم الذي تجري فيه الصلاة اليوم وأمر ببناء مئذنة. ويذكر المؤرخون، أن الجامع يضم قبور عدد من الأنبياء، منهم زكريا ويحيى (ع)، وفيه مكان هو عبارة عن نفق مظلم، ينزل إليه بإحدى وعشرين درجة. وفي الجدار الجنوبي لهذا النفق، تسع كوات، ويقول الأهالي إنه وراء كل كوة قبر، ووراء كوتين منها قبرا زكريا ويحيى (ع). ولا يعرف أحد، أصحاب القبور الأخرى. وتوجد فوق الكوات غرفة تسمى غرفة الأنبياء.
وفي الجامع الأموي في دمشق، يوجد مزار للنبي يحيى (ع)، وقصة هذا المزار، كما وردت في كتاب "عمدة العارفين" للأشرفاني هي: "واختلفت الروايات في أمر رأسه الشريف، منهم من قال إنه دفن مع جسده في القدس، ومنهم من قال إنه حمل إلى عند أبيه، ومنهم من قال إنه دفن بجامع دمشق. وشاهد على ذلك، ما ذكر عن زيد بن وافد، وكان وكيل الوليد بن عبد الملك بن مروان على عمارة جامع بني أمية بدمشق، قال ولما كان العمال يشتغلون في الجامع، وجدوا ذات يوم مغارة طولها ثلاثة أذرع في عرض ثلاثة أذرع، فعرفنا الوليد فجاء في حالك الليل وبين يديه الشمع، فنزلها فإذا هي كنيسة، وإذا فيها صندوق، ففتحه وإذا بسفط فيه رأس ومكتوب عليه، هذا رأس يحيى بن زكريا (ع)، فرده الوليد إلى مكانه، وقال: اجعلوا عليه عمودا مسفطا، قال زيد بن وافد، فهو العمود المسفط الشرقي الرابع من ركن القبة." وقد تحول مزار النبي يحيى ( ع) في الجامع الأموي في دمشق، إلى مكان يقصده المواطنون الدروز، للتبرك والصلوات وذكرى الأنبياء والأولياء الصالحين.